اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
شرح كتاب العظمة المجموعة الأولى
132692 مشاهدة
تنزيه الله تعالى عن النقائص

...............................................................................


السلام عليكم ورحمة الله.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مر بنا في الأحاديث من قول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وفسر بعض السلف سبحات الوجه بالجلال، سبحات وجهه. أي جلاله والأحاديث التي بعده فيؤخذ منها:
أولا: تنزيه الله تعالى عن النقائص، ومنها السنة والنوم، وقد نزه الله تعالى نفسه عن ذلك أي عن كل النقائص فمنها قول الله تعالى: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لما أثبت الحياة والقيومية، نزه نفسه عن ضدها. فضد الحياة الموت، ويُلحق به أيضا النوم، فإن النوم شبيه بالموت، ولذلك يسمى القيام بعده بعثا، ويسمى النوم وفاة كما في قول الله تعالى: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا أي: يتوفاها في منامها فسمى النوم موتا.
وكذلك قول الله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ يتوفاكم يعني النوم غالبا أن النوم يكون بالليل، ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ يعني يوقظكم بالنهار، ولهذا يشرع عند النوم أن يدعو الإنسان بقوله: باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، فإن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين؛ أخذا من قوله تعالى: فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى يعني: إذا أمسكت نفسي ولم تردّها علي فارحم نفسي، دعاء بواسع الرحمة، وإن أرسلتها يعني رددتها إلي فاحفظها، دعاء لله تعالى أن يحفظ عبده.
وكذلك يشرع عند اليقظة أن يقول: الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور. يمثل النوم كالموت أحيانا يعني: أيقظنا بعد ما أماتنا بالنوم وإليه النشور، وكذلك يشرع أن يقرأ عند الاستيقاظ أو يقول عند الاستيقاظ أن يقول: الحمد لله الذي رد علي روحي، وعافاني في جسدي، وأيقظني وألهمني لذكره أو أمرني بذكره. رد علي روحي أي بعدما فارقته بالنوم. الحمد لله الذي رد علي روحي، وعافاني في جسدي، والحاصل أن الله تعالى نفى عن نفسه النوم لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ والسنة هي النعاس وهو دليل على أن الله تعالى منزه عن النقائص والعيوب .